[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] (ابتسم أمام عدوك دائما....هو أحق بالسخرية من أي شيء آخر)
*****
هكذا
كان أبي يقولها دائما..و أنا أقف معه في الشرفة كل ليلة قبل أن تدق الساعة
و يتوسط القمر سماءنا برقة..طقوس خاصة تلك التي يفعلها عندما يتحدث إلي عن
الحياة فيخرج سيجارته البسيطة و يشعلها بهدوء ..ربما كان يظن أن تلك
السيجارة تعطيه جاذبية ما..و قد كانت تعطيه ذلك فعلا .. مع أول نفثة دخان
منها يلقي حكمته متأملا رحلة الدخان إلى الأبدية في شيء من التحسر..و
أحيانا كان يخبرني بقصص عن أناس ولوا منذ زمن بعيد.. و بينما هو يلقي ما
علمته الحياة من حكم و يتلو علي أخبار السابقين كنت أتفرس ملامح وجهه كأني
أراها لأول مرة..في كل يوم يخبرني فيه بشيء جديد كان هناك خط آخر يضاف إلى
تجاعيد وجهه المتغضن..و شعر رأسه يزداد شيبة كل مرة..و أنا بين هذا و ذاك
أطيح سكرا بحديثه..كان هذا قبل أن يعتزل أبي تدخين سيجارته المحلية و
يعتزل الحياة كلها0
*****
اهرع إلى مفكرتي الصغيرة لأكتب
فيها حكمة أبي الجديدة..في كل يوم كنت أفعل هذا حتى أخذه القدر و تركني
وحيدا بكثير من الحكم و قليل من الخبرة..اذكر أني جعلت ما في مفكرتي
دستوري الصغير الذي تسير به حياتي..ابتسمت كثيرا أمام أناس كثيرين..بل
ضحكت أحيانا..مضت بي الحياة هكذا تلقيني من بئر لآخر و أنا مازلت
مبتسما..كثيرون هم أعدائي.
*****
الباقي من الحياة عشر
دقائق..اقف أمام بنيتي الصغيرة أحكي لها الكثير من الحكايات عمن سبقوا و
الكثير من الحكم.. تتفرسني في فضول..هي أيضا أدركت أن وجهي يحمل خطا جديدا
في كل يوم أخبره فيها بشيء جديد من مفكرتي الصغيرة بعد النفثة الأولى من
دخان سيجارتي البسيطة ..ينتهي حديثنا فتودعني ابنتي بابتسامتها البريئة
قبل أن تغادر الشرفة إلى مضجعها لتتعايش المزيد من الأحلام الوردية..مازلت
اقف في الشرفة أفكر..أراجع تاريخ حياتي القصيرة لأجد أني نسيت أن ابتسم
لنفسي..عدوي الأول..ابتسامة ساخرة تراقص الدخان الخارج من فمي..افتح
مفكرتي الصغيرة و اخرج القلم لأكتب الجملة الأخيرة خاتما كتاب حياتي.
(ابتسم أمام نفسك..هي أحق بالسخرية من أي شيء آخر)
ادخل غرفة الفتاة لأضع المفكرة تحت وسادتها الصغيرة.....ثم أنام0
*****
في الصباح تسمع صوت نواح بشع و تلمح في ركن الحجرة فتاة صغيرة أمسكت بمفكرة سوداء ..و تبكى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]